الفيلم الإسباني (بناة الحمراء)،

#بناة_الحمراء انتشر منذ عدة أيام خبر إنتاج الفيلم الإسباني (بناة الحمراء)، وهو فيلم، كما تقول كاتبته مارجاريتا ميلجار: "يستخدم موارد الفيلم الوثائقي والخيال لإدخال المُشاهد في حقبة أساسية من تاريخنا لا نعرف عنها سوى القليل". يدور الفيلم حول بناء (الحمراء) تحفة الحضارة الإسلامية المعمارية، تلك التي يمكننا إعتبارها الومضة الأخيرة لها: حيث كان يوسف الأول (ملك غرناطة) مدركًا بأن مملكته المُحاصرة على وشك الإندثار بسبب تقدم الممالك المحيطة، فشرع في بناء ما يعكس روعة الحضارة ويتحدى الزمن والنسيان. راوي الفيلم هو الوزير لسان الدين بن الخطيب (عمرو واكد)، الفيلسوف والطبيب والشاعر، سابق عصره، والذي كان وزيرًا ليوسف الأول وشارك معه في بناء قصور الحمراء، ولكن الأمور اختلفت عندما مات الملك وورث العرش ابنه محمد الخامس وتبنى سياسات جديدة للمملكة، ودخل الوزير معه في جدال بخصوص أفكار عالمه القديم والأفكار الجديدة الناشئة. تحكي لنا سجلاته تاريخ غرناطة في القرن الرابع عشر.. أغنية البجعة لأوروبا الإسلامية. من خلال الحكاية نرى ملكين من ملوك بني نصر (بني الأحمر) وهما أبوالحجاج يوسف الأول والغني بالله محمد الخامس، الذين بُنيت الحمراء في عهدهما، ونتعرف فيها أيضًا على شاعر الحمراء الكبير ابن زمرك، والطبيبة أم الحسن، تلميذي ابن الخطيب. ولمن لا يعرف ابن الخطيب فلعل أشهر ما يُمكن أن يعرف به هو موشح "جادك الغيث" الذي أبدعت فيروز في غناءه ولازال حيًا نابضًا بالحب والجمال حتى وقتنا هذا. ولكنه على الجانب الآخر فيلسوف وطبيب ومؤرخ عظيم، وسياسي محنك. درس الطب والفلسفة في جامعة القرويين، ولُقِب بذي الوزارتين لجمعه بين الكتابة والحكم، تولى الوزارة في عهد يوسف الأول، واستمر وزيرًا لمحمد الخامس حتى كثرت الوشاية التي تحاول الإيقاع بينه وبين الملك وشعر هو باقتراب غدر الملك به فراسل سلطان المغرب أبي فارس عبدالعزيز بن أبي الحسن المريني وهرب إليه مع ابنه عليّ، ثم لحقت الأسرة بهما، وأقاموا في كنفه حتى مات السلطان، وفي أثناء ذلك صدرت فتوى من القاضي النباهي بإحراق كتب ابن الخطيب في ساحة غرناطة لاتهامه بالإلحاد والزندقة. وحاول ابن الأحمر استعادة ابن الخطيب للانتقام منه ولم يتمكن من ذلك سوى بعد موت سلطان المغرب حيث أرسل وفدًا برئاسة ابن زمرك تلميذ ابن الخطيب وخلفه في الوزارة، وأطلع السلطان أحمد على الاتهامات الموجهة لابن الخطيب فقرر استدعاءه واحتجازه لمواجهته بالتهم ومناقشته فيها، وأرسل الوزير سليمان بن داوود بعض حاشيته ليلًا مع بعض الأندلسيين إلى مكان حجز ابن الخطيب وقـتـلوه خـنـقًا ودفنوه، وفي اليوم التالي أخرجوا جثمانه وأشعلوا حوله النار حتى احترق شعره واسود جلده ودفنوه ثانية. لا يتطرق الفيلم لحكاية ابن الخطيب بهذا التفصيل، لكنه كان ملخصًا لابد منه لنعرف القليل عن الشخصية الرئيسة في الفيلم. تقول إيزابيل فيرنانديث، مخرجة الفيلم: "لطالما كنت مفتونة بالإرث الإسلامي في أوروبا، خاصة الحمراء، قمة تاجه الفني، ومن ناحية أخرى فلقد فوجئت بقلة ما يُحكى عن ذلك الجزء من التاريخ، وعن الشعب في تلك الفترة. ظلت هذه القصة العظيمة عن بناء الحمراء رابضة هنا تطلب من أحدهم أن يقترب ويحكيها". وتضيف شارحة " ما بين القرنين الثامن والرابع عشر، بتعايش المسلمين والمسيحيين واليهود، تحولت الأندلس إلى إحدى أكبر منارات المعرفة في العالم، وكانت غرناطة هي وريثة تلك المعرفة وآخر حلقة من حلقات تلك الحقبة التاريخية، ولذلك أعدنا إنشاء هذا العالم لنحاول فهمه وإبراز حكمته للاستفادة منه في حاضرنا". تم إنتاج هذا الفيلم بدعم ومشورة علمية من خبراء مجلس الحمراء، ووحدة التميز العلمي في الحمراء بجامعة غرناطة، وكلية الدراسات العربية، وبالتعاون مع منظمة أوروبا الإبداعية للإعلام، وغيرهم. أكثر ما يجعلني منتظرًا لهذا الفيلم هو الرغبة المُلحة في رؤية التاريخ من وجهة النظر الأخرى، الجانب الآخر من الحكاية. كيف يرى الإسبان تلك الفترة من تاريخهم. بالفعل دخلت سابقًا في نقاشات كثيرة مع الكثير منهم عن تلك الفترة من التاريخ وعرفت كيف ينظرون إليه وكيف يقيمون تأثيرها عليهم، لكن رؤيتها في عملٍ فني هو أمر مختلف تمامًا. أمر مشوق ويستحق الانتظار. #أندلسيات #صوت_الأندلس #أحمد_عويضة